الخميس، 20 سبتمبر 2012

مطالب الجالية المغربية خلال الأزمة الحالية

مطالب الجالية المغربية خلال الأزمة الحالية


بقلم :بدران محمد
 لا يختلف عاقلان في كتابة تاريخ الجالية المغربية المقيمة بالخارج ,هذا التاريخ الذي كتبته بالدماء والعرق بالملحمات والبطولات بركوب الصعاب والتضحيات ,مرورا بأجيال رجالا ونساء تحملوا حرارة الرغيف والمبيت لأكثر من نصف قرن من الزمن.ركبوا أجنحة الصعاب والمخاطر وفارقوا الأحبة والأهل وعانقوا حضن الغربة وذراع الوحدة. تاركين غيرهم ينعمون في الدفء ويتلذذون بنشوة القرب وطيبة الأمان.أحقا علينا أن نسميهم الشرفاء أو ننعتهم بالكرماء أو الدجاجة التي تبيض ذهبا أو البقرة الحلوب وتبقى كل كلمة فيهم قليلة وعديمة الأهمية.ألم يكونوا دائما مواطنين أوفياء لم يبخلوا في يوم بثمين أو بقطرة دم في سبيل هذا الوطن؟.ألم يحافظوا وما زالوا يحافظون على جذورهم في وقت عسير نساهم القريب والبعيد؟ألم يقووا في أوقات الأزمات بتحركاتهم الهيكلية والإستراتيجية والسياسية والاقتصادية الإنسانية والاجتماعية وغيرها؟ألم تكن تحويلاتهم من العملة ركيزة من أقوى ركائز الاقتصاد المغربي؟
من منا فكر في يوم من الأيام ولو لحظة بظروفهم المزرية وبمراحل حياتهم الصعبة في مختلف بلدان المعمور حيث يعانون غالبا من ريح الاستقرار المتقلب كطقوس هذه البلدان؟أية كلمة طيبة قلناها فيهم للتخفيف من همومهم ؟وأية بسمة ألقيناها في وجوههم للتلطيف بمآسيهم؟
أمام كل هذه التضحيات الجسام لم يحفل بهم الوطن ولم يكرم فرد من هذه الجالية,لم توف بحقها لا في بلدها الأصلي ولا في بلدان الإقامة .حيث تكالبت عليها من كل جانب وحوش الأحزاب المتطرفة الأوروبية الكارهة لوجودها والتي تنامت بسرعة ملفتة للنظر.فلا اعترافا بمجهوداتها ولا تقييما ولا مكافئة ولو رمزية لها وهذا ظلم وأكبر ظلم في حقها.والسؤال المطروح اليوم :من يتفقد المسنين المتقاعدين من الجالية الذين أفنوا شبابهم في الغربة؟من يتابع ملف قدماء المحاربين في أوروبا؟من يتابع خطوات الشباب الغير الشرعيين المشتتين في بقاع الأرض لمساعدتهم على تقنين وضعيتهم وليس كما فعلته الحكومة السابقة مع الحكومة الإيطالية لعدم منح القنصلية المغربية لجواز سفر لغير القانوني حتى لا يسوي وضعيته أو يعود من جديد لإيطاليا,مع العلم أن الملايين من الجالية سبق لهم أن كانوا غير شرعيين وسووا وضعيتهم بعد ذلك.ما هذا التقصير ومن يتفقد العائدين أكانوا متطوعين أم مطرودين؟من يتفكر في الآلاف من العمال المؤقتين والعاطلين الذين لا حول لهم ولا قوة.والطلبة المتروكون لحالهم يحفظون دروس المواد ممزوجة بآلامهم وحسرتهم؟من يسأل عن الأطفال المغاربة الغير مرفوقين بالخارج ؟من يتفقد ملف النساء المهاجرات الغاص بمشاكل لا حصرة لها؟من يفكر ولو مرة واحدة من المسئولين في ضحايا الظلم والعنف والرفض والحرمان ؟ من يتفقد ملفات بالآلاف لسجناء من الرعايا في سجون عبر العالم؟والأمثلة تطول وهذه فقط للقصرلا للحصر.لا أحد يرفع من درجتها التي بدأت تتدنى في دول العالم ولا مساعدتها في صعوبات اندماجها بعد عودتها في الأزمة المالية الصعبة التي عصفت بأوروبا أخيرا.فهم في أمس الحاجة للمواساة النفسية للتغلب على النقص المادي لرفع المعنويات وتسهيل عقبات التأقلم داخل حضن الوطن ,الذي لم ينسوه في يوم من الأيام.أليس لهم الحق ولو في جزء بسيط من المليارات التي ساهموا بها منذ نصف قرن؟هم يبحثون اليوم عن الرعاية والاهتمام من أي وقت مضى , حاجتهم إلى مصالح خاصة بهم كمراكز الصحة ومراكز المصالح الاجتماعية والقانونية .هم في حاجة لمراكز الإيواء للمرضى والمسنين وغيرهم.هم في حاجة لمراكز تعليم وتكوين وتأهيل وتسهيل اندماج أبناء العائدين منهم نهائيا إلى أرض الوطن وإلحاقهم بصفوف مستوياتهم بالتعليم الحكومي.الجالية كلها بدون استثناء في أمس الحاجة لتعليم اللغة العربية والأمازيغية والتربية الإسلامية للمحافظة على الجذور وثوابت الأمة.ومراكز ثقافية ورياضية وأندية تليق بهم.
أظن أنه من الأرجح إن كانت الجالية قد أوفت بواجباتها منذ أكثر من نصف قرن فلها الحق أن تتمتع بحقوقها الدستورية كمواطنين أولا وقبل كل شيء.يجب أن تمسك بحقها في يدها قبل الحديث عن أية مشاركة في مشاريع وتنمية مستدامة من كوادرها وأطرها والأدمغة العائدة وجلب الاستثمارات وغيرها وهي لا تتوفر على أدنى حق في وطنيتها كباقي المواطنين.وهذا الحرمان والإقصاء المتعمد الذي يطالها ويحرمها من حقوقها الكاملة وهي في نظر القانون بالغة وعاقلة ولا تجوز عنها الوصاية.فهي لم تشعر أبدا أنها مدعوة للمشاركة السياسية وتحمل المسئولية في صنع القرار وهي حسب الإحصائيات تمثل واحدا من كل عشرة مغاربة وهذا الرقم المهم لا يمكن أن التهاون أو التلاعب به فقد يئس من شعارات الجمعيات والنشطاء والذين اتضح جليا أن أغلبهم لا هما له غير التسلق بظهر الجالية والتسول على حسابها للأغراض الشخصية فقط. فهي تريد المناقشة والمساهمة المباشرة وليس بالنيابة في صنع السياسات الحكومية على أساس التغييرات الفكرية والتطورات السياسية التي يشهدها العالم والتي ستحافظ أساسا على نمو واستقرار وأمن البلاد,مع زيادة قوة الردع في الدفاع عن استرجاع صحرائه وأراضيه وعن أهدافه السامية.مما سيعطي دفعة قوية للاقتصاد الوطني على أحسن وجه ويلعب دورا هاما في علاقات المغرب مع دول المهجر . فالجالية اليوم ليست هي جالية الأمس فهي تطالب بالاستثمار وبالمواطنة معا لتعزيز صوتها في الشراكة المستدامة مع الحكومة المغربية الجديدة في صناعة الآليات الإستراتيجية والقانونية والسياسية من أجل المحافظة على الثوابت الدينية والثقافية والاقتصادية والاجتماعية في بلدان الإقامة.

commentaires: 0

Post a Comment