الثلاثاء، 26 يونيو 2012


متى ستستغل ثروات المغرب بالشكل الصحيح؟

متى ستستغل ثروات المغرب بالشكل الصحيح؟
debdoupressلم يترك المغاربة بابا من أبواب الدنيا إلا وطرقوه، فهم مهتمون بكل شيء من أتفه الأشياء إلى أهمها وأكثرها وقعا في النفوس. وقد يتصور البعض أن المغاربة يهتمون بالخبز اليومي فقط ، ولا يبالون بالسياسة ، أو أنهم مهتمون بالسياسة وغير مبالين بالاقتصاد ، أو أنهم منشغلون بالشأن الأسري وغير مبالين بالشأن الوطني أو العكس. أينما وضعت نفسك ستجدهم قد سبقوك بالتجربة ، إنما نقطة ضعفهم أنهم غير متكتلين ولو في جماعات وراء أحزاب وجمعيات وطنية لتكوين قوة الدفع نحو التغيير للأحسن، على أن يبتدئ التغيير من داخل الأحزاب نفسها وحتى تصبح العقل المفكر والجسد الطائع لخدمة المجتمع وليس لخدمة أشخاص كما هو الحال اليوم. فالمغرب له إمكانات وثروات مادية وبشرية متعددة قابلة للتحويل وصنع التنمية المنشودة لكنها غير مرشّدة وتعاني من سوء إدارة.
فعلى مستوى الإمكانات المادية يعد المغرب من أغنى دول شمال افريقيا فيما يتعلق بالأراضي الصالحة للزراعة 95000 كيلومتر مربع أي ما يعادل 3.11 بلد كبلجيكا، منها 14450 مسقية (2003). ولقد بلغت مساحة أراضي زراعة الحبوب وحدها 5 ملايين هكتار قابلة للزيادة، أعطت سنة 2009/2010 ما يفوق 84 مليون قنطار من الحبوب.
أما فيما يخص الصيد البحري فالمغرب منفتح على البحر الأبيض المتوسط وكذلك على المحيط الأطلسي مما يمكنه من إدارة ثروة سمكية كبيرة وغنية ومتنوعة بلغ إنتاجه منها 593966 طن سنة 2004 وكانت قيمتها 246368700أورو.
أما ثرواته المعدنية فيتقدمها الفوسفاط حيث يعتبر المغرب ثاني مصدر له، ويتوفر على ثلاثة أرباع الاحتياطي العالمي، وتقدر كمية اليورانيوم الممكن استخراجها منه بستة ملايين طن، أي ما يعادل ضعف المخزون العالمي المكتشف حاليا. كما تضم موارده المعدنية الحديد والباريت والرصاص والمنغنيز والكوبالت والنحاس والزنك والأنتيمون و الفليور والفضة والذهب. أما مصادر الطاقة فقد انخرط المغرب في مشروع طموح "نحو طاقة نظيفة ومتجددة شمسية وريحية، دون إهمال مشاريع البحث عن النفط والغاز، فحقول البترول والغاز بمسكالة لا تغطي الاحتياجات المتزايدة، لذلك فإن المغرب مطالب بتكثيف عمليات البحث عن النفط والغاز، فهو البلد الوحيد في شمال افريقيا الذي لم يصرح رسميا بوجود النفط فيه.
أما الصناعة بأنواعها الغذائية والكيمائية والصيدلية وبيتروكمائية والنسيج وصناعة السيارات والطائرات وتركيب السفن وصناعة الاسمنت والصناعة الميكانيكية والالكترونية فهي تعرف ازدهارا غير مسبوق.
أما إمكاناته البشرية فالمغرب يعبر خزانا للعقول واليد العاملة المدربة والتي أثبتت جدارتها في الميدان داخل المغرب وخارجه ،40% منها يشتغل في الفلاحة ، ولقد بلغ حجم اليد العاملة المستغلة 10.6 مليون سنة 2010 من ضمنها 50.9% من الوسط القروي .وأن 40.3% من كتلة اليد العاملة تشتغل في قطاعات الفلاحة والغابة والصيد البحري ، متبوعة ب37.5 % بقطاع الخدمات وقطاع الصناعة منها 12.2% في قطاع الصناعة التقليدية .كما يعتبر المغرب وجهة سياحية مفضلة فاق عدد السياح الذين زاروه ثمانية ملايين سائح، وبلغت عائداتها 63 مليار درهم ، وقد تتضاعف هذه العائدات إلى 140مليار درهم وفق رؤية 2020.
إلا إن إمكانات المغرب فهي أكثر بكثير، جعلته قبلة للاستثمارات الخارجية وموقعا مغريا لفتح مناطق حرة : منطقة التصدير الحرة في طنجة، المنطقة الحرة في داخلة والعيون، منطقة تخزين الهدروكاربورات (المنتوجات البترولية) كبدانا والناضور، منطقة التصدير الحرة في القنيطرة. ويجرنا الحديث لذكر ميناء طنجة المتوسط الذي بلغت عائداته 166 مليون درهم(15 مليون يورو) خلال عام واحد من بدء تشغيله.
لن نستطيع حصر كل إمكانات المغرب الغزيرة والمتنوعة من شماله إلى جنوبه ، تلك الإمكانات التي تجعل المغربي محسودا على نعيم بلده . وإن كان هذا النعيم مازال في طور التشكل العقلاني ، فالأبحاث الجارية عن النفط لم تعط بعد المأمول منها ، وإن كانت هناك بعض الآمال في العثور على الغاز ( بالغرب) ونواحي الصويرة . ويبقى الجفاف العامل المؤثر سنويا في المحصول الزراعي وبالتالي المتحكم في منحنى التنمية .
بكل الإمكانات السالفة الذكر لم يستطع المغرب النزول تحت الرتبة 117 في مؤشر الأمم المتحدة للتنمية البشرية سنة 2010 وهي السنة التي صادفت آخر سنة من مشروع التنمية البشرية (2006-2010) والذي كان يستهدف تحسين الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية للساكنة بالمغرب، والتصدي للعجز الاجتماعي بالأحياء الحضرية الفقيرة ( سقوط منازل على رؤوس ساكنتها بالبيضاء يثمن تحقيق الهدف) والاستجابة الضرورية للأشخاص في وضعية صعبة ( كما يظهر أن حاملي الشهادات المعطلون ليسوا من هذه العينة المستهدفة(!).
ورغم ذلك، يمكن القول بأن هناك مجهودات كبيرة تبدل من أجل تقدم المغرب، إلا أن هذه المجهودات لا ترقى للمطلوب بسبب عوامل متعددة ذاتية وموضوعية. فالأزمة التي يعرفها المغرب حاليا مرتبطة بالسوق الأوروبية التي تئن تحت وطأة الأزمة الاقتصادية الأوروبية التي ضربت اليونان واسبانيا والبرتغال واسكتلندا بشغل متفاوت ، لكن هناك عوامل مرتبطة بطبيعة التسيير والتدبير داخل المغرب كذلك. فالصحف والجرائد حبلى يوميا بأخبار سرقة المال العام أو تحويله أو تهريبه إلى الخارج، ناهيك عن تفاوتات مست توزيع فرص الشغل وثروات العائدات والثروات الطبيعية.
في بلد كالمغرب يحظى بموقع استراتيجي ومكانة مميزة بين الأمم، الفقر فيه أصبح حالة مقززة ومكتسبة من أثر السياسات العمومية ، والتي لا تحاول الاجتهاد والعمل كيد واحدة لمحاربة الفقر بترشيد النفقات وإدارة الفائض في مشاريع مدرة للدخل ، مع فتح أفاق استثمارات جديدة لخلق فرص شغل جديدة على قدم المساواة. فبالإضافة إلى عائدات التصدير هناك تحويلات المغاربة بالخارج ناهيك عن المساعدات والهبات الدولية والتي كانت آخرها 700مليون دولار في إطار برنامج تحدي الألفية ، ومن المفروض أن تغذي تلك الأموال الاقتصاد الوطني، وتساهم في خلق مشاريع جديدة للدفع بالتنمية إلى الأمام ، لا أن تذهب في ميزانيات لا تحظى بالمتابعة والمراقبة والمحاسبة وعلى أساس أن يخلق الدرهم دراهم ، والمشاريع أجواء التنافسية والإبداع.
وفي الأخير لا بد من التذكير بأن الحكومة الحالية – رغم فشلها في التسريع بالتغيير- مازالت تعمل بإخلاص لربح الرهان. فهي على الأقل كشفت عن بعض خبايا الزوايا، وسلطت الأضواء على بعض الجهات الرمادية التي تعودت على جني الأرباح لصالحها دون التفكير في مشاكل المغرب والتي يجب حلها بالتعاون والصدق وحفظ الأمانة. ويبقى على الحكومة فتح جميع الملفات والتصريح ( بالفم المليان ) بكل ما يخالف القانون المعمول به والدستور، وتفعيل المتابعات – قضائيا- وحتى تصل العبرة لمن لا يعتبر، للتأسيس لمجتمع صريح واضح عادل يرفض أن يعيش على قدراته " أناس يقومون بأقل جهد فيجنون ثروات " لا تدخل بأي وجه من الوجوه في تنشيط الاقتصاد بل تصبح آلية لجني الفوائد من البنوك الداخلية والخارجية، وذلك باغتنامهم المكانة أو المسؤولية.



القسم : وجهات نظر | في : 25/6/2012 | المصدر : الحسن معتصم


commentaires: 0

Post a Comment